متلازمة توريت
متلازمة توريت (Tourette Syndrome) هي أحد الاضطرابات العصبية التي يقوم خلالها المصاب لاإرادياً بتكرار عدد من الحركات أو الأصوات، مثل: هز الأكتاف، أو رمش العيون، وأحيانًا أداء حركات أكثر تعقيدًا، مثل الدوران، أو القفز، أو الشخير، أو الغرغرة في الحلق، وعادةً تُصيب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 2-15 عاماً، لكنها أكثر شيوعاً بين الأطفال في عمر الست سنوات، ويصاب الذكور بمتلازمة توريت بنسبة أكبر من الإناث بحوالي ثلاث إلى أربعة أضعاف.[١]
تصنيف متلازمة توريت
تُصنَّف متلازمة توريت تبعاً لتقييمين، وهما كما يلي:[٢]
المدة الزمنية
تُصنف متلازمة توريت حسب المدة الزمنية لتكرار الحراكات أو الأصوات، إلى نوعين مؤقتة ومزمنة، فتعتبر حالة مؤقتة، في حال عانى المصاب من تكرار الحركة، أو تكرار الصوت لمدة تتراوح بين شهر - سنة، لكن في حال استمرت لأكثر من سنة فإنها تعتبر حالةً مزمنة.[٢]
نوع التشنجات
وهي أيضاً نوعين صُنّفا تبعاً لنوع الحركة، وعدد العضلات المستخدم لأدائها، وهما:[٢]
- التشنجات البسيطة: والتي تتضمن الحركات المفاجئة، والقصيرة المتكررة، والتي لا يتم استخدام الكثير من العضلات للقيام بها، ومن هذه الحركات، إغماض العينين، وتجاهل الأشخاص، وإصدار الأصوات مثل الشخير، أو الغرغرة.
- التشنجات المعقدة: وتتضمن هذه الحالة حركات مميزة ومتناسقة، وما يميزها هو استخدام مجموعة من العضلات لأدائها، ومن هذه الحركات الدوران، أو القفز، أو لمس الأشياء بشكل قهري، وتكرار نطق الكلمات والشتائم.
يجدر العلم بأن التوتر يؤدي إلى زيادة الأعراض، وشدتها، ويساهم الاسترخاء والتركيز في التخفيف من الأعراض، وأحيانًا اختفاءها لعدة أشهر.
صفات متلازمة توريت
تتفاوت أعراض متلازمة توريت بين المصابين، فتكون شديدة في بعض الأحيان، ثم لا تلبث أن تتحسن، وما يميز هذه المتلازمة أن المصاب يشعر قبل بدء الأعراض بإحساس غريب ملح لبدء القيام بالحركات والأصوات اللاإرادية، ولا يخف هذا الإلحاح إلا بعد البدء بعمل هذه الحركات أو الأصوات، وفيما يلي بعض الأمثلة على التشنجات التي تظهر على الأشخاص المصابين بمتلازمة توريت:[٣]
التشنجات اللاإرادية الجسدية
تتضمن التشنجات اللاإرادية الجسدية الحركات التالية:[٤]
- تحريك عضلات الوجه وتغيير وضعيتها بما يشبه التكشير.
- تدوير العينين، ورمشها.
- هز الأكتاف.
- الاستمرار في هز الرأس أو الأطراف.
- القيام بالقفز أو الدوران.
- عمل حركات في الفم والحلق مثل الاستنشاق.
- لمس الأشخاص والأشياء بشكل متكرر.
التشنجات اللاإرادية الصوتية
تتضمن التشنجات اللاإرادية الصوتية إصدار الأصوات كما يلي:[٥]
- السعال.
- إصدار صوت الصفير.
- الشخير.
- الغرغرة.
- إصدار أصوات تقليد الحيوانات.
- تكرار بعض الأصوات أو الكلمات.
- النقر باللسان.
- التحدث بكلمات وعبارات عشوائية.
والجدير بالذكر أن التشنجات اللاإرادية لا تضر صحة المصاب، لكن قد تسبب بعض التشنجات اللاإرادية الجسدية، مثل اهتزاز الرأس بعض الألم. كما أن الأعراض السابق ذكرها لا تتشابه بين الأشخاص المصابين، وقد تختلف الأعراض لدى المريض نفسه من وقت لآخر.
هل يستطيع المصاب بتوريت كبح الأعراض؟
يستطيع المصاب كبح الحركات غير الطبيعية لفترة مؤقتة، لكن ينتج عن ذلك ضغط نفسي كبير وإجهاد عقلي للمصاب، والخبر الجيد في هذه المتلازمة أن المصاب تتحسن حالته مع التقدم في العمر، إذ تبلغ الأعراض أوجها ما بين سن 8-12 سنة، وبعدها تبدأ الأعراض بالاختفاء تمامًا مع بدء سن المراهقة عند أغلب المصابين.[٣]
أسباب متلازمة توريت
إلى الآن لم يُعرف السبب الرئيسي لحدوث متلازمة توريت، إلا أن العلماء أعزوها لمزيج من العوامل الجينية والحياتية، وتظهر نتيجة وجود اختلالات في بعض مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في الحركات التي يؤديها الشخص، والأعصاب المرتبطة بها، بالإضافة إلى بعض العوامل التي تساهم في تطورها، مثل بعض النواقل الكيميائية المسؤولة عن نقل الرسائل العصبية للدماغ، وأهم هذه النواقل هي: دوبامين، ونورإبينفرين، وسيراتونين.[٦]
تشخيص متلازمة توريت
عادةً ما يتم تشخيص المتلازمة بملاحظة الطبيب للأعراض، إذ لا يلزم إجراء أي فحوصات أخرى غيره لتأكيد التشخيص، ويستدل الطبيب على الإصابة من خلال ما يلي:[٧]
- ظهور اثنتين أو أكثر من التشنجات اللاإرادية الحركية، مثل رمش العينين، أو هز الأكتاف، وتشنج صوتي واحد على الأقل، مثل تنظيف الحلق، أو الصراخ بكلمة أو عبارة، على الرغم من احتمالية عدم حدوثها دائمًا في نفس الوقت.
- استمرار التشنجات اللاإرادية لمدة عام على الأقل، حيث يمكن أن تحدث عدة مرات في اليوم، وكل يوم تقريبًا، أو بشكل متقطع.
- ظهور التشنجات اللاإرادية قبل سن 18 عامًا.
- ألا تتعلق الأعراض بتناول أدوية أخرى، أو بوجود حالة طبية أخرى، مثل الصرع، أو التهاب الدماغ الفيروسي.
قد يطلب الطبيب في حالات نادرة إحدى فحوصات التصوير مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، التصوير المقطعي المحوسب (CT-Scan)، تخطيط كهربائية الدماغ (EEG)، لاستبعاد الأسباب المرضية الأخرى، وتأكيد الإصابة بمتلازمة توريت.
علاج متلازمة توريت
لا يحتاج الشخص إلى العلاج في حال لم تكن التشنجات اللاإرادية قوية، لكن إذا كانت الأعراض شديدة، أو يعاني الشخص من أفكار قد تتسبب في إيذائه لنفسه، فإن الطبيب يلجأ لوصف أدوية مهدئة ونفسية، وقد يخضعه لجلسات العلاج النفسي، لإبعاد المريض عن الإصابة بالاكتئاب، أو العزلة، وتتضمن العلاجات ما يأتي:[٦]
أدوية علاج متلازمة توريت
يصف الطبيب أحد الأدوية التالية للتخفيف من الأعراض:[٨]
- المهدئات: تساعد هذه الأدوية في منع أو تثبيط مستقبلات الدوبامين في الدماغ، مقللة من التشنجات اللاإرادية، لكنها يمكن أن تتسبب ببعض الآثار الجانبية مثل زيادة الوزن، والتشوشات الذهنية.
- ناهضات ألفا الأدرينالية: تُستخدم هذه الأدوية في المقام الأول لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ولكنها تُستخدم أيضًا في علاج التشنجات اللاإرادية، حيث تساعد في تنظيم وتقليل التشنجات الحركية والصوتية البسيطة.
- الأدوية المنشطة: تُستخدم لتخفيف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) دون زيادة التشنجات اللاإرادية لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة توريت.
- مضادات الاكتئاب: أثبتت هذه الأدوية فعاليتها في علاج بعض أعراض متلازمة توريت المتعلقة بوجود اضطرابات نفسية أخرى متزامنة، خاصةً مثبطات امتصاص السرتوينين.
العلاج النفسي
يوصي الطبيب بالعلاج السلوكي المعرفي عادةً، والذي يتضمن تدريب الشخص على التخفيف من التشنجات، كما يساهم العلاج النفسي في تخفيف أعراض الاضطرابات المرافقة لمتلازمة توريت، مثل الوسواس القهري، أو القلق، أو فرط الحركة وتشتت الانتباه، ويتمثل العلاج بما يلي:[٦]
- ممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل.
- تمارين التنفس العميق.
- التنويم المغناطيسي.
إحدى العلاجات التجريبية في علاج متلازمة توريت هي التحفيز العميق للدماغ (DBS)، وهو إجراء جراحي يتم فيه تحفيز مناطق معينة من الدماغ لتخفيف حدة التشنجات.
الاضطرابات المصاحبة لمتلازمة توريت
يعاني العديد من الأفراد المصابين بمتلازمة توريت من اضطرابات سلوكية عصبية تتزامن معها، وعلى الرغم من أن معظم المصابين يعانون من انخفاض كبير في التشنجات اللاإرادية في أواخر مرحلة المراهقة وبداية مرحلة البلوغ، إلا أن هذه الاضطرابات قد تستمر حتى مرحلة البلوغ، وتتضمن ما يلي:[٩]
- اضطراب الوسواس القهري: الذي يقود إلى بعض الأفكار، أو الأحاسيس المتكررة وغير مرغوب فيها، والتي تجعل الشخص يشعر بالحاجة إلى التصرف بشكل متكرر أو بطريقة معينة، مثل تكرار غسل اليدين.
- صعوبات التعلم: إذ يمكن أن يعاني الشخص من مشاكل القراءة، والكتابة، والحساب.
- المشكلات السلوكية: والتي تشمل التصرفات الغير لائقة اجتماعيًا، والعدوانية.
- المشكلات الحسية: يعاني بعض الأشخاص من صعوبة التنظيم، أو الاستجابة للمعلومات المتعلقة باللمس، أو التذوق، أو الروائح، أو الأصوات، أو الحركة.
- اضطرابات أخرى، وتتضمن ما يلي:
- المعاناة من مشاكل السقوط المستمر.
- اضطرابات النوم، والقلق.
- صعوبة الحفاظ على العلاقات الاجتماعية.
- اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
المراجع
- ↑ "Tourette syndrome", mayoclinic, Retrieved 15/11/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Tourette syndrome", betterhealth, Retrieved 16/11/2021. Edited.
- ^ أ ب "Tourette's syndrome", nhs, Retrieved 26/10/2021. Edited.
- ↑ "Tourettes Disorder", hopkinsmedicine, Retrieved 15/11/2021. Edited.
- ↑ Mered Parnes, "Tics and Tourette syndrome 101", texaschildrens, Retrieved 15/11/2021. Edited.
- ^ أ ب ت Shannon Johnson (11/12/2019), "Tourette Syndrome", healthline, Retrieved 25/10/2021. Edited.
- ↑ "Diagnosing Tic Disorders", cdc, Retrieved 16/11/2021. Edited.
- ↑ "Tourette Syndrome Fact Sheet", nih, Retrieved 15/11/2021. Edited.
- ↑ "Tourette Syndrome Fact Sheet", ninds, Retrieved 26/10/2021. Edited.